معامل الأمان في تصميم المنشآت

ممّا لا شكّ فيه أن التصميم الإنساني يحتوي دائمًا على نسبة خطأ، وإن تعلّق الأمر بالروبوتات أو أجهزة الحاسوب فبالتأكيد أيضًا ستجد نسبة خطأ، وإن كانت أقلّ.

هل فكّرت أثناء تواجدك في منزلك في ذلك؟ ألم يطرق بك الخيال أبوابًا تثير في نفسك الرعب حول انهيار المنزل مثلًا؟-لاقدر الله-أو سهو المهندس المختص بتصميم الفيلا عن تفصيلة صغيرة قد تؤدّي إلى انهيارٍ كارثيٍّ؟

ما الذي يجعل المعماريين المخضرمين على أتم التأكّد من أن المصعد لن يسقط أو ينهار بالرغم من تأكيد وجود نسبة الخطأ البشري؟

كل تلك الأسئلة يجيبها مصطلح هندسي واحد : معامل الأمان.

كي نستوعب مصطلح معامل الأمان، علينا أن نستعرض نبذة قصيرة عن مصطلح فلسفة التصميم الإنشائي.

فببساطة، تختص فلسفة التصميم الإنشائي بالكشف عن التصميم أو النظام الإنشائي الأنسب للبنية،

والذي بدوره يؤمّن أحمال تلك المنشأة التي تنشط بداخلها

وذلك في مجمله يجب ألّا يتعدّى قوة التحمل الخاصة بتربة الإنشاء(تربة التأسيس).

في إطار فلسفة التصميم الإنشائي، تتعدّد مراحل التصميم في خطوات واضحة المعالم تتميّز بالقدر الأعلى من التأمين الإنشائي

وفاعلية المنشأ تعتمد بشكل مباشر على مدى تحمّله للعديد من الأحمال المختلفة.

ومع وجود احتمالية سهو المهندس المصمّم عن أي تفاصيل، تتميّز مراحل التصميم الإنشائي بتفصيلة تمتد أهمّيتها على طول المراحل المتعددة لها، وهي مسألة معامل الأمان،

وهي الخطوة التي تغطي أي نسبة خطأ داخل التصميم من خلال تغطية قوّة تحمّل المنشأة بما يفوق النسبة المنشودة.

وعليه، فإن معامل الأمان –أو كما يدعى بالإنجليزيةFactor Of Safety (FOS)- خلال التصميم ببساطة هو نسبة التعديل على قوّة تحمّل المنشأة.

وللتوضيح، وعلى سبيل المثال، نستطيع أن نتخيّل منشأةً مثاليةً، قام المهندس المصمّم خلال تصميمها بأخذ كلّ الاحتمالات بعين الاعتبار، واعتنى بمسألة ضبط الجودة بالطريقة المثلى خلال كلّ مراحل الإنشاء.

تلك المنشأة معامل الأمان بداخلها سيكون مساويًا للواحد الصحيح.

لكن علينا الاعتراف بأن ذلك مستحيل بكلّ الطرق، لذلك ما كان على المصممين إلّا أن يضعوا حدًّا للأخطاء المحتملة من جهة أخرى.

ولكن كي يعبر بالمنشأة إلى برّ الأمان، فإن المهندس المصمم يضع في التفاصيل الحسابية داخل التصميم معامل أمان قيمته تفوق الواحد الصحيح،

وبهذا فإن المقدار الذي يفوق به معامل الأمان الواحد الصحيح هو الخاصية المميزة لمدى الثقة في الجودة والأسلوب المتبّع في التصميم الإنشائي.

فعلى سبيل المثال، عند التصميم بما يدعى حالات الحدود، فإن معامل الأمان للخرسانة عادة ما يكون 1,5، ممّا يعني أن مقاومة الخرسانة 250كجم/سم2، بشرط أن يكون أقصى حمل عليها هو 166كجم/سم2،

فبعملية طرح وقسمة بسيطة يمكنك فهم أن مقدار معامل الأمان هو 1,5،

 وكمثال آخر، نجد أن حديد التسليح يدخل في التصميم بمعامل أمان 1,15..وهكذا.

على ما سبق توضيحه، فإن معامل الأمان هو قيمة تحمّل المنشأة التي تغطّي على نسبة الخطأ المحتملة داخل التصميم –العقار، أو الفيلا، أو المصعد، أو الكوبري..إلخ-بناءً على طبيعة المواد المستخدمة والاختلافات بينها،

وكذلك على الأسلوب المتّبع في التصميم الإنشائي للمنشأة، وعلى قوّة تحمّل تربة التأسيس.

ومع أننا لا ندرك ذلك بشكل واضح، فربما ما زال معظمنا على قيد الحياة بسبب مصطلح معامل الأمان،

وهذا يعني أن هناك عدد لا نهائي من المنشآت والتصميمات التي نتحرّك بداخلها يوميًا يعتمد بقدر أساسي في مسألة التأمين والحماية على مصطلح معامل الأمان.

وكذلك رياضيًّا، يمكننا توصيف معامل الأمان بالمعادلة الآتية:

"معامل الأمان = (إجهاد الخضوع)\(إجهاد العمل)".

طبقًا للمعادلة، فإن معامل الأمان يوجّهنا إلى مصطلح رياضي آخر داخل التصميم يدعى هامش الأمان،

وذلك الذي يتمثّل في القيمة التي تصف نسبة متانة المنشأة المعنية بالتصميم

وهنالك علاقة حاسمة تربط بين المصطلحين، وهي:

"هامش الأمان =معامل الأمان – 1".

تلك المعادلة الرياضية توضح لك أن المنشأة المثالية –والتي يستحيل وجودها-يكون معامل الأمان فيها مساويًا للواحد الصحيح.

وعليه فإن تصميم المنازل والفيلات وغيرها من المنشآت الحيوية يتطلّب معامل أمان يفوق الواحد الصحيح بالنسبة المعنية بطبيعة المنشأة وتطرق تأسيسها،

ولزيادة معامل الأمان يعمل مهندسو التصميم على عمليات حسابية دقيقة تعتني بوضع إطار لقيمة معامل الأمان المناسب للمنشأة.

ولذلك سنستعرض الآن مجموعة من المنشآت والتصميمات الهندسية الشائعة في حياتنا اليومية، وبجوارها مجموعة من القيم التقريبية لمعامل الأمان بداخلها.